الكاتب عصام عودة    الأحد, 28 جوان/يونيو 2015 12:41    طباعة
بيتي بيت الصلاة يدعى
مقالات روحية

من المعروف ان الرب لفظ هذي العباره بعد ان طرد التجار من الهيكل، أي بيت الصلاه، أو في ايامنا الكنيسه. لا حاجه أن نسهب في ردة فعل الرب حيال هذا الموقف، فنقرأ في متى 21 : 12 – 13: 12 ودخل يسوع الى هيكل الله واخرج جميع الذين كانوا يبيعون ويشترون في الهيكل وقلب موائد الصيارفة وكراسي باعة الحمام 13 وقال لهم: «مكتوب: بيتي بيت الصلاة يدعى. وانتم جعلتموه مغارة لصوص!»فقد كانت حازمه ولا تحتمل المساومه، وما كان منه إلا أن يطرهم خارجا لا بل قلب موائد الصيارفه، أي تجار الاموال، وقلب كراسي باعة الحمام، تلك الكراسي التي وقف عليها أصحاب "البسطات" ونادوا صارخين: "حمام ... غنم، أرخص بضاعه ممكن تلاقيها عنا اليوم ... حمام ... غنم ..." !!! وأين كل ذلك ؟؟؟!!! في بيت الله، بيت العباده والصلاه !!! (أنظر من فضلك كذلك أشعياء 56 : 7، أرميا 11 : 7، مرقس 11 : 17، لوقا 19 : 46).

من الملاحظ جدا الغضب المقدس الذي تأجج في ردة فعل يسوع له المجد، ولربما نعتبرها غريبه كون الرب استعمل القوه ليس ضد البشر ولكن ضد الخطيه التي عرّفها الرب في هذا الموقف: "اللصوصيه"، فبدل ان يكون الهيكل بيت الصلاه تحوّل الى "مغارة لصوص"... يا للعار ... في مكان اخر يقول ان الرب "صنع سوطا من حبال وطرد الجميع من الهيكل" (يوحنا 2 : 15).

السؤال المهم بمكان في هذا الظرف الصعب: كيف يا هل ترى تحولت عبادة الله الى تجاره في عقر دار الحضور الالهي، والتي عرّفها الرب ب- "اللصوصيه"، او "التجار في مال الرب" ؟؟؟!!!

على الأرجح إن السبب الذي اذن لهم حتى يبيعوا ويشتروا في الهيكل هو هذا: ان الله قد أمر شعب اسرائيل ان لا يذبحوا الحيوانات المنذورة الا عند باب قبة الزمان وذلك اولاً لكي لا ياكلوا الدم وثانياً لكي لا يذبحوا ذبائحهم للشياطين، وامرهم كذلك انهم اذا كانوا بعيدين عن اورشليم فليبيعوا ثيرانهم وخرافهم المنذورة وعندما يدخلون اورشليم يشترون عوضها بالفضة، فاتخذ كهنة اليهود هذا الامر الالهي، وبسبب ولعهم بمحبة المال، وسيلة للربح وادخلوا باعة الخراف والحمام والثيران الى الهيكل حيث يبيعون ويشترون لقاء جزء من الربح كانوا يتقاضونه منهم، وفي الوقت ذاته كانوا يامرون أصحاب النذور ان يشتروا نذورهم من باعة الهيكل، وأما هؤلاء: باعة الثيران والخراف والحمام في الهيكل، فاستغلوا الموقف وكانوا يبيعون هذه الحيوانات باثمان باهظة لسد جشعهم وجشع الكهنة الذين شاركوهم في اللصوصيه، وهكذا اصبحت هذه القرابين التي تذبح لمغفرة الخطايا على حسب الناموس وسيلة لسلب الناس اموالهم ...

لا بد ان هذه التجاره حدثت تدريجيا وليس دفعة واحده، وهذه هي سياسة العدو ابليس في استدراج البشر، بالذات اولئك الذين قد عرفوا واختبروا الرب، ودحرهم شيئا فشيئا نحو الهاويه، هذا طبعا اذا فتحنا أمام هذا العدو ثغرات في حياتنا ليدخل منها، بالرغم من التنبيهات الالهيه من خلال كلمته وبواسطة ضمير الروح القدس الساكن في اولاد الرب.

ان الخطر هنا كبير للغايه، ويكمن في أن هؤلاء التجار في مال الرب، اللصوص، هم هم الذين عرفوا الله: رجال الدين الكهنه، وهذا يفسر غضب الرب الشديد حيال هذا الموقف، فهم عرفوا الكلمه جيدا وعلّموها لا بل كانت كلمة الله هي "عملهم" ولكن ليس نهج حياتهم، فهم علموا وتكلموا الحق ولكن للأسف لم يعيشوه أو يمارسوه، بل ركضوا وراء عدو مميت الذي يسميه الكتاب: "أصل لكل الشرور": المال، أو بكلمات أدق: محبة المال، والحكم على هؤلاء واضح: "ضلوا عن الايمان وطعنوا انفسهم باوجاع كثيره" (1 تي 6 : 10).

لقد أحب بلعام "أجرة الاثم" فضل عن الطريق وكانت العواقب وخيمه (2 بط 2 : 15، سفر العدد 22)، هؤلاء أناس عرفهم بولس الرسول بالمنازعين وبفاسدي الذهن وعادمي الحق الذين "يظنون ان التقوى تجارة. تجنب مثل هؤلاء 6 .واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة". (1 تي 6 : 5 – 6).

والسؤال المهم الان هو: ما هو هدف دخولي الى "بيت الله" ؟! هل هو تجاره بالنفوس بهدف الكسب المادي على انواعه ام هو ربح النفوس للرب كما علمني سيدي ؟!

لقد نبّهنا صاحب النشيد، سليمان الحكيم، قائلا: "خذوا لنا الثعالب الثعالب الصغار المفسدة الكروم لان كرومنا قد اقعلت" (نش 2 : 15)، فاذا ما دخلت تلك الثعالب كنائسنا التي هي بيت الله، وقد تظهر بشكل ملائكة نور كما عرفهم بولس الرسول (2 كو 11 : 14)، وقد لا نعير لها اهتماما لصغر حجمها، واذا ما لم نطردها من وسطنا، فانها سوف تكبر وتكبر وتكبر فتصبح ثعالب ضخمه وفتاكه بوسعها التهام الكروم باكملها، وليس فقط افسادها.

قد يكون التجار من الداخل، من عقر الدار، وقد يأتوا من الخارج، فلنحذرهم ولنعزل الخبيث من بيننا (1 كو 5 : 13).